نجوم لا يعرف عنها الأهلي شيء تلهو داخل الكيان!

نظرة على معهد اللاعبين الجدد.. ومدد يا "عبده البقال"..

عبده البقال؟؟ أين هو؟؟ سؤال اطرحه على مسئولي النادي الأهلي، وغيرهم من أعضاء مجلس الإدارة الموقر.. أن يكون لديك نجوم خارج الكيان وتسعى لاكتشافها عبر الكشافين الدوليين وغيرهم من الأعين المترامية في كل مكان، فهو شيء جيد، ولكنه من العوار أن يكون لك نجوم داخل الكيان، ولا يوجد أي شخص يسعى لاكتشافها، بل ويتم تضييق الخناق عليها من وقت لآخر..!!

نعود في البداية إلى أسطورة "عبده البقال" صاحب اكتشاف المواهب لكبار الأندية، وتحديداً النادي الأهلي، استفاد منه النادي كثيراً من خلال تقديم المواهب المتناثرة في مراكز الشباب، والقرى النائية، والنجوع والكفور في مختلف محافظات مصر، بل إن مرمى بصر عبده نفسه يمتد إلى لعب الصغار في الشوارع، حيث كفلت له النظرة الفنية بالفطرة للتعرف على من سيكون له مستقبل من الذي يحاول تضييع وقته بالمجنونة المستديرة في الطرقات.

كان العم عبده يتحرك في كل مكان، وكان مقره الدائم في اليوم، مركز شباب القلعة العامر بالمواهب، أطفال حفاه، آخرين عراه، وغيرهم يدشنون كرة "الخيط والكُلة" لا يتجاهلهم بل يحرص على الوقوف بحافة الملعب ليشاهدهم، فبمجرد أن يروه يعرفوه، سواء كان متنكراً أم يظهر بشكل عادي أمام الجميع، يصطنع الوقوف بعيداً وهو يتأفف مما يراه بهدف بذل اللاعبين "الحفاه" بالكرة الـ"كُلة" أقصى ما لديهم من مهارات وسرعات وتحركات في الملعب البسيط الذي كان يتم تخطيطه بـ"الجير" بعد تنظيفه من القمامة ورشه، لإضفاء الأجواء الكروية كما لو كان ستاداً على أضواء الإنارة من العمدان المضيئة من قبل الحكومة، أو عبر إضاءه الأحبال التي نسجها اللاعبين الجدد نفسهم في شهر رمضان المبارك أو الأعياد.

"سعيد الحافي".. اسطورة كروية تضاهي الخطيب في كرة القدم، بل كان يقوم بحركات لا تختلف تماماً عن رونالدينهو في أمجاده، اخترع مسمى آخر لكرة القدم، والسؤال الذي يتبادر إليك.. هل شاهدته لتقول عنه رونالدينهو؟ الإجابة: لأ.. ولكن من شاهد رونالدينهو من الحرس القديم الممثل في الآباء وأصدقاء الآباء يقولون أن "سعيد" وشهرته "الحافي" هو الذي اخترع هذه المهارات قبل 30 عاماً مضت، أي عندما كان الساحر الأسمر نفسه في المرحلة الابتدائية، وأن شأنه كان سيكون عظيماً ولكن..

طار عم "عبده البقال" فرحاً بالأسطورة التي رآها أمام عينه وركض به إلى مسئولي النادي الأهلي ليروي لهم عن السحر الذي يقدمه سعيد في عالم كرة القدم، ولكنها الطامة الكبرى.. نزل سعيد إلى أرض التتش حيث الاختبارات المكثفة، ولكنه فشل في التقسيمة وابلى بلاءً سيئاً، لماذا؟ لأنه "الحافي" ولا يستطيع اللعب بـ"ستارز"، إلى أن خلع الحذاء في الشوط الثاني من التقسيمة ليظهر مهاراته للمسئولين الذي وصفوه بـ"القنبلة"، ولكن فشلت المحاولات المتعددة لسعيد في اللعب بـ"الحذاء" إلى أن نحى جانباً وعاد إلى الحارة الضيقة يمارس سحره في صمت وهدوء بعيداً عن الأضواء والشهرة.

كم من هذه النماذج يمرح في شوارعنا، ويتمنى نظرة أو توجيه منذ الصغر بألا يلعب "حافياً" وإن كان يتبادر في ذهن البعض أنه لم يعد أحد يلعب بدون حذاء في عصر السماوات المفتوحة، والتيشيرتات الأصلية والتقليد لكبار النجوم، ولكن فتش عن النجوع والقرى والأرياف، والمناطق الشعبية، بين الأزقة وأسفل الكباري، وبين العمارات، بل وداخلها، وأمام المنازل في الشارع، وأمام الشقق في الطرقة الصغيرة حيث كرة التنس الصفراء..

هذه دعوة مفتوحة، رياضية، اقتصادية تتماشى أيضاً مع توجهات الدولة بفرز المقومات الاقتصادية التي تساهم في الدخل القومي.. فلم لا يكون هناك آلاف من عبده البقال، يسمسرون للبلد إذا لم يتثى لنادِ معين أن يكون لصالح الاستثمار القومي من هذه الثروة البشرية الهائلة لأطفالنا الصغار.. ملايين يترددون على ملعب "الترتان" بالتتش، يلعبون بجوار النجوم على الأرض الحمراء، يتمنون أن تلمس أقدامهم الخضراء المجاورة، ولكن لا توجد نظرة عليهم، لا توجيه، أو عناية، ولكنها طاقات مفرغة في الهواء، ليس إلا.. نظرة على هولاء فقد يكونوا نجوماً في المستقبل، أفضل من الذين يتكبد فيهم النادي الملايين، بل سيكونوا أفضل على صعيد الوفاء وحب الكيان.. اتمنى أن تكون هذه الكلمات سبيلاً للتحرك الفعلي والفعال لا إلى الشحن والتفريغ فقط.. كل عام وانتم بخير.

محـمد فــرج

للتواصل مع الكاتب:

https://www.facebook.com/Farag.figo